قد بلوت الخطوب حلواً ومرّاً ... وسلكت الأيام حزناً وسهلا

وقتلت الزّمان علماً فما يغ ... رب قولاً وما يجدّد فعلا قلت: هذه والله حلى مولانا الأستاذ الذي عرف للزمان فعله، وفهم قوله، قد استعارها أبو الطّيب وحلّى بها مخدومه سيف الدولة، وكيف أستطيع إرشاد شيخي لطريق الصبر، وأذكّره بالثواب والأجر، وكيف وأنا الذي استقيت من ديمه، واهتديت إلى سبيل المعروف بشيمه، وسلكت جادة البراعة بهداية ألفاظه، وارتقيت إلى سماء البلاغة برعاية ألحاظه، وهل يكون التلميذ معلماً، وهل يرشد الفرخ قشعماً، وكيف يعضد الشبل الأسد، وهو ضعيف المنّة والمدد، ومن يعلّم الثغر الابتسام، والصدر الالتزام، ويختبر الحسام، وهو مجرب صمصام، وهل تفتقر الشمس في الهداية إلى مصباح وهل يحتاج البدر في سراه إلى دلالة الصباح ذلك مثل شيخي ومثل من يرشده إلى فلاح أو نجاح، وإنّما نأخذ عنه ما ورد في ذلك من الكتاب والسنّة، ونحذو حذوه في الطريق الموصّلة إلى الجنة، ثم لما وصلت في هذه القصيدة إلى قول أبي الطّيّب:

إنّ خير الدموع عيناً لدمعٌ ... بعثته رعايةٌ فاستهلاّ رأيته قد أبدع فيه كل الإبداع، ونظم ما يكاد يجري الدمع من طريق السماع، فقلت: إنّا لله، وأكثرت الاسترجاع، وقلت في نفسي: إن ذلك الدمع الذي بعثته رعاية الحقوق، هو دمع شيخي الذي حمى الله قلبه الشفوق من العقوق، للمصيبة في الأم، التي حزنها يغم، ومصابها يعم، وكيف لا يعمنا مصابها، وقد كمل للمصيبة كفاها الله بموتها نصابها، هذا مع الفقد السليلة الجليلة، والكريمة الخليلة، وأي دمع لم تبعثه تلك الرعاية وأي نفس لا تتمنى أن تكون لسيدنا من كل ما يكره وقاية وأي كبد قاسية، لم تكن لأحبابها مواسية وأنّى يتسنّى، للعبد المعنّى، تسلية شيخه وهو الصبور الشكور، العارف بالأمور، العالم بتصاريف الدهور وما ظننت أن بناني، يساعدني على تحرير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015