هذي دمشق، لعمر خلقك، روضةٌ ... قد جاد طبعك دوحها بمعين
قد زارها غيث النّدى فبهارها ... أضحى يلوح بحلّة النّسرين
لو لم تكن بدراً لما أحرزت ما ... قد خصّ في الأنوار بالتلوين
حقّقت ما قد قيل حين حللتها ... إنّ المكان مشرّفٌ بمكين
هي غادةٌ حيّيتها فتزيّنت ... ما كان أحوجها إلى التزيين
مولاي أحمد يا سليل بني العلا ... يا فوق مدحي فيك أو تحسيني
أغنى وجودك وهو عين الدّين عن ... علاّمة الدّنيا لسان الدين
انظره تستغني به عن غيره ... وإلى العيان ارغب عن المظنون
تلقى علوم النّاس في أوراقهم ... وعلومه في صدره المشحون
فبعلمه اعبر كلّ بحرٍ زاخرٍ ... وبفهمه اسبر غامض المخزون
وبحلمه ارغب عن تحلّم أحنفٍ ... وبعزمه اصحب بأس ليث عرين
لمّا رأيتك فاستقمت لقبلتي ... أدعو وأشكر واردات شؤوني
ألفيت قطرك يمنتي فأفادني ... فضل اليمين على اليسار يقيني
فسقى الحيا للمقّريّ أخي العلا ... بلداً بأقصى الغرب جدّ هتون
بلداً تبيّنت الهلال بأفقه ... ورأيت منه قرّةً لعيوني
لولا هلال الغرب نوّر شرقنا ... بتنا بليل الحدس والتخمين
يا راحلاً رحل الفؤاد بعزمه ... رفقاً بقلبٍ للوفاء ضمين
أستودع الله العظيم، وإنّني ... مستودعٌ منه أجلّ أمين
إنّي أودّع يوم بينك مهجتي ... وشبيبتي وتصبري وسكوني
وأعود من توديع وجهك عودةً ... خلطت يقيني في الهوى بظنون
حتى كأنّي قد فقدت تمائماً ... تقضي عليّ بحالة المجنون
وتودّ نفسي أنّها لو حرّمت ... أبداً سكوني للهوى وركوني
أوشكت أقتل بين معترك الهوى ... نفسي ومعترك الهوى بيميني
ولقد وددت بأنّني متحمّلٌ ... تلك الخطا بمحاجري وجفوني