الأخباري، العجيب الشأن في التجوّل في الأقطار، ومداخلة الأعيان والتمتّع بالخزائن العلمية، وتقييد الفوائد المشرقية والمغربية، أخذ عن أعلام إشبيلية كأبي علي الشّلوبين، وأبي الحسن الدباج، وابن عصفور وغيرهم، وتواليفه كثيرة: منها " المرقصات والمطربات " و " المقتطف من أزاهر الطرف " و " الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد " تاريخ بلده وبيته، والموضوعان الغريبان المتعددا الأسفار، وهما " المغرب في حلى المغرب " و " المشرق في حلى المشرق " وغير ذلك ممّا لم يتصل إلينا، فلقد حدّثني الوزير أبو بكر ابن الحكيم أنه تخلف كتاباً يسمى " المرزمة " (?) يشتمل على وقر بعير من رزم الكراريس لا يعلم ما فيه من الفوائد الأدبية والأخبارية إلاّ الله تعالى، وتعاطى نظم الشعر في حد من الشبيبة يعجب فيه من مثله، فيذكر أنه خرج مع أبيه إلى إشبيلية وفي صحبته سهل ابن مالك، فجعل سهل بن مالك يباحثه عن نظمه إلى أن أنشده في صفة نهر والنسيم يردده والغصون تميل عليه:
كأنّما النّهر صفحةٌ كتبت ... أسطرها، والنّسيم ينشئها
لمّا أبانت عن حسن منظرها ... مالت عليها الغصون تقرؤها فطرب وأثنى عليه.
ثم ناب عن أبيه في أعمال الجزيرة، ومازج الأدباء، ودوّن كثيراً من نظمه، ودخل القاهرة، فصنع له أدباؤها صنيعاً في ظاهرها، وانتهت بهم الفرجة إلى روض (?) نرجس، وكان فيهم أبو الحسين الجزار فجعل يدوس النرجس برجله، فقال أبو الحسن:
يا واطئ النرجس ما تستحي ... أن تطأ الأعين بالأرجل