وابن النحاس المذكور له نظم كثير مشهور بين الناس، وهو: بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن نصر، الحلبي الأصل، المعروف بابن النحاس، وهو شيخ أبي حيّان، ولم يأخذ أبو حيّان عن ابن مالك وإن عاصره بنحو ثلاثين سنة.
وقال بعض من عرّف بابن مالك: إنه تصدر بحلب مدة، وأمّ بالسلطانية، ثم تحول إلى دمشق، وتكاثر عليه الطلبة، وحاز قصب السبق، وصار يضرب به المثل في دقائق النحو، وغوامض الصرف، وغريب اللغات، وأشعار العرب، مع الحفظ والذكاء والورع والديانة وحسن السّمت والصيانة والتحري لما ينقله والتحرير فيه، وكان ذا عقل راجح، حسن الأخلاق مهذباً، ذا رزانة وحياء ووقار، وانتصاب للإفادة، وصبر على المطالعة الكثيرة، تخرج به أئمة ذلك الزمان كابن المنجي وغيره، وسارت بتصانيفه الرّكبان، وخضع لها العلماء الأعيان، وكان حريصاً على العلم، حتى إنه حفظ يوم موته ثمانية شواهد.
وقال بعض الحفاظ حين عرّف بابن مالك: يقال إن عبد الله في نسبه مذكور مرتين متواليتين، وبعض يقول: مرة واحدة، وهو الموجود بخطه أول شرحه لعمدته، وهو الذي اعتمده الصفدي وابن خطيب داريّا محمد بن أحمد بن سليمان الأنصاري، وعلى كل حال فهو مشهور بجدّه في المشرق والمغرب.
وحكى بعضهم أن ولادته سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وعليه عوّل شيخ شيوخ شيوخنا ابن غازي في قوله:
قد خبع ابن مالك في خبعا ... وهو ابن عه وكذا وعى من قد وعى (?) وقيل، كما تقدم: إن مولده سنة ستمائة أو بعدها بجيّان الحرير مدينة من مدن الأندلس جبر الله كسرها - وهي مفتوحة الجيم وياؤها مشددة تحتانية - وتصدّر ابن مالك بحماة مدة، وانتقد بعضهم على ابن خلكان إسقاطه من تاريخه،