وانصرفنا، ثم جئنا بعد على عادتنا لأبي علي، فنسي حتى قرئ عليه قول النابغة:
فعد عمّا ترى إذ لا ارتجاع له (?) ... فتذكر، وقال: ما فعلتم في سؤال ابن عصفور فصدقنا له الحديث، فأقسم ألاّ يخبرنا ما العامل فيه، ثم قال اللّبلي لطلبته: وأنا أقول لكم مثل ذلك، فانظروا لأنفسكم، قالوا: فنظرنا فإذا المسألة مسألة فحص ونظر، كلما حكمنا بحكم صدتنا عنه قوانين نحوية، حتى مضت مدة طويلة، فوفد علينا بتونس المحروسة أحد طلبة ابن أبي الربيع، وكان ابن أبي الربيع هذا ساكناً بسبتة، وهو أحد طلبة الشلوبين أيضاً، ومن كبار هذه الطبقة التي نشأت بعده، قالوا: فتذاكرنا مع هذا الطالب في مسائل نحوية، فمرت هذه المسألة في قوله تعالى " إذ نسويكم برب العالمين " فقال هذا الطالب إن هذا الظرف وقع موقع لام العلة، فعلمنا أن هذا هو الذي أراد الأستاذ أبو علي، ثم ناقشنا الطالب وقلنا له: إذا جعلته ظرفاً فلا بد من العامل، وإذا جعلته واقعاً موقع الحرف كان هذا على شذوذ قول الكوفيين، والذي يجوز عكسه على مذهب الجميع، وإنما الأولى أن يقال: إذ حرفٌ معناه التعليل تشترك فيه الأسماء والحروف كما اشتركت في عن، والله أعلم بغيبه، انتهى.
122 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر ابن فرح القرطبي (?) ، قال الحافظ المقريزي: وفرح بسكون الراء، وقال الحافظ عبد الكريم فيحقه: إنه كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين، الزاهدين في الدنيا المشتغلين بما يعنيهم من أمور الآخرة، فيما بين توجه وعبادة وتصنيف، جمع في تفسير القرآن كتاباً خمسة عشر مجلداً، وشرح أسماء الله الحسنى في