شطروعين الرضى عن كلّ عيب كليلة ... فقال له: يا فقيه أبا جعفر، أنت سيدي وأخي، ولكن هذا أمر الملك لا يمكن فيه إلا قول الحق، والعلم لا يحتمل المداهنة، فقال له: فأخبرني بما عثرت عليه، قال له: نعم، فأظهر له المواضع، فسلّمها أبو جعفر وبشرها وأصلحها بخطه.
وأصل هذا اللّبلي من لبلة بالأندلس (?) ، اجتمع في رحلته للمشرق بالقاضي ابن دقيق العيد، وكان نحويّاً، فلما دخل عليه اللّبلي قال له القاضي: خير مقدمٍ، ثم سأله بعد حين: بم انتصبت خير مقدم فقال له اللبلي: على المصدر وهو من المصادر التي لا تظهر أفعالها، وقد ذكره سيبويه إلى آخره، فإنه كان يحفظ أكثره، فأكرمه القاضي وعظمه.
ثم قال ابن علوان: وذكر والدي أيضاً، رحمه الله تعالى، ومن خطه المبارك نقلت، أن الأستاذ أبا جعفر اللبلي المذكور، رحمه الله تعالى، قرئ عليه يوماً قول امرئ القيس (?) :
حيّ الحمول بجانب العزل ... إذ لا يلائم شكلها شكلي فقال لطلبته: ما العامل في هذا الظرف يعني إذ فتنازعوا القول، فقال: حسبكم، قرئ هذا البيت على أستاذنا أبي علي الشّلوبين، فسألنا هذا السؤال، وكان أبو الحسن ابن عصفور قد برع واستقل وجلس للتدريس، وكان الشلوبين يغض منه، فقال لنا: إذا خرجتم فاسألوا ذلك الجاهل، يعني ابن عصفور، فلما خرجنا سرنا إليه بجمعنا، ودخلنا المسجد، فرأيناه قد دارت به حلقة كبيرة، وهو يتكلم بغرائب النحو، فلم نجسر على سؤاله لهبيته،