ظاهرة، ولا يجد منصف محيداً إلى إنكار ما يشاهد عند قبره من الأحوال الباهرة، وكانت زيارتي له بشعبان ورمضان وأول شوال سنة 1037.

وقال في عنوان الدراية: إن الشيخ محيي الدين كان يعرف بالأندلس بابن سراقة، وهو فصيح اللسان، بارع فهم الجنان، قوي على الإيراد، كلّما طلب الزيادة يزاد، رحل إلى العدوة، ودخل بجاية في رمضان سنة 597، وبها لقي أبا عبد الله العربي وجماعةً من الأفاضل، ولمّا دخل بجاية في التاريخ المذكور قال: رأيت ليلة أنّي نكحت نجوم السماء كلّها، فما بقي منها نجم إلاّ نكحته بلذّة عظيمة روحانيةّ، ثمّ لمّا كملت نكاح النجوم أعطيت الحروف فنكّحتها، ثمّ عرضت رؤياي هذه على من قصّها على رجل عارف بالرؤيا بصير بها، وقلت للّذي عرضتها عليه: لا تذكرني، فلمّا ذكر الرؤيا استعظمها وقال: هذا هو البحر الذي لا يدرك قعره، صاحب هذه الرؤيا يفتح الله تعالى له من العلوم العلويّة وعلوم الأسرار وخواص الكواكب ما لا يكون فيه أحد من أهل زمانه، ثم سكت ساعة، وقال: إن كان صاحب هذه الرؤيا في هذه المدينة فهو ذاك الشاب الأندلسي الذي وصل إليها.

ثم قال صاحب العنوان ما ملخّصه: إن الشيخ محيي الدين رحل إلى المشرق، واستقرت به الدار، وألّف تواليفه، وفيها ما فيها، إن قيّض الله تعالى من يسامح ويتأول سهل المرام، وإن كان ممّن ينظر بالطاهر فالأمر صعب، وقد نقد عليه أهل الديار المصريّة وسعوا في إراقة دمه، فخلّصه الله تعالى على يد الشيخ أبي الحسن البجائي، فإنّه سعى في خلاصه وتأوّل كلامه، ولمّا وصل إليه بعد خلاصه قال له الشيخ، رحمه الله تعالى: كيف يحبس من حل منه اللاّهوت في الناسوت فقال له: يا سيّدي، تلك شطحت في محل سكر ولا عتب على سكران.

وتوفّي الشيخ محيي الدين في نحو الأربعين وستمائة، وكان يحدّث بالإجازة العامة عن السّلفي، رحمه الله تعالى، انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015