فعجبت من كثرته، ثم سألت: لمن هو فقيل: هو لمحمد بن عربي يهديه إلى فلانة؛ وسمى تلك المرأة ثم قال: وهذا بعض ما تستحق، قال سيدي ابن عربي: فلمّا سمعت الرؤيا واسم المرأة، ولم يكن أحد من خلق الله تعالى علم منّي ذلك، علمت أنّه تعريف من حانب الحق، وفهمت من قوله إن هذا بعض ما تستحق أنّها مكذوب عليها، فقصدت المرأة وقلت: اصدقيني، وذكرت لها ما كان من ذلك، فقالت: كنت قاعدة قبالة البيت، وأنت تطوف، فشكرك الجماعة الذين كنت فيهم، فقلت في نفسي: اللهم إنّي أشهدك أنّي قد وهبت له ثواب ما أعمله في يوم الاثنين وفي يوم الخميس، وكنت أصومهما وأتصدّق فيهما، قال: فعلمت أن الذي وصل منّي إليها بعض ما تستحق فإنّها سبقت بالجميل، والفضل للمتقدّم.
ومن نظم الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله تعالى:
يا غاية السؤل والمأمول يا سندي ... شوقي إليك شديدٌ لا إلى أحد
ذبت اشتياقاً ووجداً في محبّتكم ... فآه من طول شوقي آه من كمدي
يدي وضعت على قلبي مخافة أن ... ينشقّ صدري لمّا خانني جلدي
ما زال يرفعها طوراً ويخفضها ... حتى وضعت يدي الأخرى تشدّ يدي وحكى سبط ابن الجوزي عن الشيخ محيي الدين أنّه كان يقول: إنّه يحفظ الاسم الأعظم، ويقول: إنّه يعرف السيميا بطريق التنزل، لا بطريق التكسب، انتهى والله تعالى أعلم، والتسليم أسلم.
ومن نظم الشيخ محيي الدين قوله:
ما فاز بالتّوبة إلاّ الذي ... قد تاب قدماً والورى نوّم
فمن يتب أدرك مطلوبه ... من توبة الناس ولا يعلم وله، رحمه الله تعالى، من المحاسن ما لا يستوفى.