رأسه عن عُسْرٍ متصلاً ببعض تَرْقُوَته، وضمَّه بعضُهم في فضل ثوبه فأوصله إلى ما بين يدي الثائر والعيون ناظرة إلى خليفتها بالأمس على هذه الحال فلم تحرك الحَمِيَّةُ نفساً، ولم يقم حسنُ العهد رسماً، وأمر والي البلدة بمواراته، فأضيف رأسُه إلى جَسَدِه، لأَمَ غاسِلُه بينهما بطين القَيْموليا العلك. وقضى مُشَاهِدُه العجب من بدانته وفرط شحمه. واستُدْعِيَ له من سَراةِ الناس ووجوه الطبقات من حضر جنازته وقد نُوِّهَ بجهازه وخشب مواراته، ودفن بالقبلة من المقبرة بازاء المُصَلّى العيدي المطلة من كثب على باب الجيسة، فانقضى أمره على هذه الوتيرة. وكان رحمه الله على تطامُن هِمَّتِه وتقاصُر مدى خصاله، دمثاً شديدَ الحياء وسيماً غير عَرِيٍّ عن الإدراك سيما في مبادئ الحساب. وقام بالأمر على سنن الحجابة العامرية الوزير الناهض بالكَلِّ البائي بالعبئ، مكفي السماء على الأرض، وخائض بحر الهوْل، وفاصل خُطَّةِ الكريهة وابن جَلا الإقدام وطَلاَّع ثنايا الجرأة من مُرهف البدن نحيله، يتوقد ذكاء، حديد اللحظ خفيف الحركة، نومُه فكرةٌ وجوارحُه مسامع:
رَقِيقٌ كَمَا غَنَّتْ حَمَامةُ أَيْكَةٍ ... وَجَزْل كَمَا شَقَّ الهواءَ عُقَابُ