المقام الذي عالج زمانة الزمن فشفى، وضمن له عزيم القدر بلوغ الأمل وإحراز الوطر فوفى، وانسدل بأيالته على الأمة لباس الوقاية والعصمة فضفى، واستظهر للدهر بعقوده، طالباً بالحق إرث آبائه وجدوده، فوقع عليها قاضي القضاء: استقل بالواجب واكتفى مقام محل أخينا الذي ثَغْرُ الدهر لما استحقه من عزة الأمر بَرودٌ شنيب، وقبة الفخر قد أحكم منها على مجده العدّ وفضله الغمر تطنيب، ومركب العزة القعساء لخدمته في الإصباح والإمساء جنيب، ولسان الثناء على حلمه ودينه يتلو على الأشهاد من إن إبراهيم لحليم أواه منيب. السلطان الكذا بن السلطان الكذا بن السلطان الكذا أبقاه الله تضرب بصدق عَزْمته الأمثال، كما ارتفع بحجة دعوته الإشكال، فمهما طمحت نفسه النفيسة إلى غرض بعيد، قرب منه المنال، وطأطأت أعناقها الآمال، ونجحت الأعمال، وأهطعت الغاية التي لا تنال. سلام كريم بر عميم يخص مقامكم الأعلى وأخوتكم الفضلى ورحمة الله وبركاته. مُعَظِّم مقداركم الكبير، الموجب لأخوتكم الكريمة مزية التوقير، المثني على فضلكم المبين، ودينكم المتين، وحسبكم الشهير الأمير عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي الحجاج بن أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر. أما بعد حمد الله مُدَبِّر الوجود الذي بيده مقاليده، الملك الحق الذي ثبت ببديهة العقل توحيده، جبار السموات والأرض، فالأمر أمره والعبيد عبيده، جاعل الشكر مفتاح المزيد من نعمه، فهو كما وعد يُحسب الشاكر ويزيده، فمن استعان به في المهمات أعانه وأنجده تأييده، ومن توكل عليه في الملمات ساعده ما يريده، ومن تذلل لعظمته اشرأب بالعز جيده، والصلاة على سيدنا ومولانا محمد رسوله صاحب الفخر العالي مشيده، والحمد المتوالي في الذكر الحكيم ترديده، والفخر الذي لا يطال سمكه ولا يخلق جديده، هادي الأنام الذي استبان بطاعته شقي الخلق وسعيده، فأصبح الباطل وسيف الحق يبيده، وغدا عقد الإيمان لا ينقض مبرمه ولا يحل شديده، والرضا عن آله وصحبه الذين نصروه في حياته بالعزائم الصادقة ويوم الروع لا ينادي وليده، وحفظوه في أُمَّتِه بالاهتداء الذي بان فضله وظهر تسديده، وكانوا في سماء ملته كالنجوم المشرقة لمن يبتغي الخير ويستفيده. فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم سعداً يطوي المراحل فيشبه الغيث يؤم البلد الماحل بريدُه، ونصراً يُقصر على تمهيد الأرجاء وعلى الجهاد الذي هو مطمح الأمل الديني والرجاء عدته وعديده، حتى يزين عِطفَ المثقف انثناؤه وخَدَّ المهنّد توريدُه، ويقوم خطيب الحسام مُكبراً بالفتوحات الجسام، فيقال هذا اليوم عيده، وهناكم الملك الذي ذخر لنظم مآثركم طويله ومديده، فإذا تذوكرت الأملاك وانتظمت من الفخر الأسلاك، فسيفكم سفَّاحه ورأيكم رشيده، من حمراء غرناطة حرسها الله، وساجعُ شكر الله يملي الأفواه وقد طاب بدوحة الصنع الجميل تغريده، والمسئول في صلة عوائد فضله من يُبدئ الخلق ويعيده، وإلى هذا هناكم الله ما خوَّلكم، وبلغكم من فضله أملكم، فإننا - من لدن انبعث عزمكم، على طلب حقكم، وقد تأذن الله لكم في استخلاصه، ومطاردة أملكم الذي أجلى الركض الحثيث عن اقتناصه، ونبهكم القدر، والحظ المبتدر، والسعد الذي راقت منه الغرر، لسرٍّ من القبول خَبَأهُ سبحانه وحَجَبَهُ، واعتِنَاءٍ حتَّمه وأوجَبَهُ، فسَهُل الصعب، وهانَ الخطر، وانقاد الوطن وتأتى الوطر، وبرز إلى الوجود ما تضمنه اللوح المستطر لم نزل نسأل الله لكم حسن العقبى، ونجح المآل، ونتشوَّف إلى ما تربَّد من قبلكم من الأحوال، ونتلقى ما يَرِدُ من أنبائكم المعربة عن سمو القَدْر، والسعادة المشرقة البَدْر، بانشراح الصدر، إذ لم تُوسِعُ الأحوال المتعارفة عندنا زيادة على هذا القدر، إلى أن طلع علينا كتابكم الأسنى، متحفاً بثمرة السعد طيبه المجنى، وقد تأسس منه على الوفار وكرم العهد المبنى، وتطابق منه في الفضل اللفظ والمعنى. أطلعتمونا طليع الأنباء التي يَحُومُ التشوف حول حماها، وتتزاحم أنساب الشفقة على منتهاها، وتشرع الأفكار إلى فك معماها، وإنكم ما زلتم ترفلون في لطائف صنع الله براً وبحراً، وتتوسدون كنف الرفق والعناية نحراً وسحراً، إلى أن نقلكم من صرير الفُلك إلى سرير الملك، من يُجنى ثمرة الحياة الطيبة من شجر الهُلك، ويشقّ عن أزهار الأنوار كمائم الظلم الحُلك، فتأرَّجَت نواسِمُ