الثامنة: قال الجرجاني: يجوز أن تقول: إنما هو درهم لا دينار، ولا يجوز زن يقال: ماهو إلا درهم لا دينار، وهو فرق في غاية الإشكال فإن الكل حصر، والكل فقه، وقد رأيت للفصل بينهما فروقا:

أحدها: أن (ما) في (إنما) ليست صريحة في النفي، بل المجموع أداة وضعتها العرب لنفي الحكم عن المسكوت، وثبوته للمنطوق، وما هو إلا درهم لا دينار النفي فيه صريح، وشأن كلمة (لا) ألا يعطف بها إلا بعد الإيجاب، فالأول لما كان قريبا من الإيجاب صح العطف، كأنك تقول هو درهم لا دينار، بخلاف الثاني هو نفي صريح، فتصير عاطفا بها بعد النفي.

وثانيها: أن الإثبات قد يكون مقصودا أصالة نحو: قام زيد، وقد يكون مقصودا تبعا نحو قول الحالف لغريمه: والله ماعندي إلا درهمان، فلو وجد عنده درهم فقط لم يحنث؛ لأن المقصود نفي الزائد عليهما، وإنما ذكر إثباتهما غير مقصود في نفسه.

والمقصود إنما هو نفي الزائد، ولم يختل نفي الزائد بانحصار الموجود في درهم.

وقولنا: ماهو إلا درهم، الإثبات فيه غير مقصود، بل المقصود نفي غير الدرهم عن هذه الحقيقة، وإذا كان الإثبات غير مقصود امتنع العطف بـ (لا) فإنها لا يعطف بها إلا بعد الإثبات الصريح، والفرق بين هذا الجواب،

والأول أن هذا على أن (ما) للنفي في (إنما)، فهي تدل صريحاً، والشي إذا دل عليه بلفظ صريح قد يكون غير مقصود، بل المقصود هو المذكور بلفظ آخر معه، كما تقدم في مسألة الحلف، والجواب الأول مبني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015