قوله: (الوجوه كلها معارضة بفوائد المجاز).
قلنا: هذا ضعيف؛ لأن تلك الوجوه كثيرة- التي ذكرها الخصم- ووجوه المجاز لا يجتمع فيها، بل واحد منها كاف في المجاز، وأدلة الخصم كلها تجتمع فترجح ما قاله.
مثال هذه المسالة: يقول المالكي: بيع الغائب على الصفة جائز لقوله تعالى: {واحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275]، وهو عام يتناول صورة النزاع، فيحل عملا بالعموم.
يقول الشافعي: هذه الصيغة وردت للعموم تارة، وللخصوص أخرى، والأصل في الاستعمال، فتكون مشتركة، وهو مذهب جماعة في هذه الصيغة، وإذا كانت مشتركة كانت مجملة فيسقط الاستدلال.
يقول المالكي: جعلها مجازا في الخصوص أولى من الاشتراك لما تقرر في على الأصول
(تنبيه)
اعلم أني لم أجد هذه المسائل العشرة في شيء من كتب الأصول التي رأيتها إلا في (المحصول)، ومختصراته، مع أنى استحضرت لهذا الشرح نيفا وثلاثين تصنيفا، و (الإحكام) مع بسطه، وكثرة حجمه، لم يذكر منها إلا مسألة واحدة في (الأوامر) وهى: الاشتراك والمجاز، ورجح الاشتراك على المجاز من عشرة أوجه:
الأول: أن المشترك حقيقة في الكل فيطرد، بخلاف المجاز.
الثاني: يصح منه الاشتقاق لكونه حقيقة بخلاف المجاز، فكان أكثر فائدة.
الثالث: أن يصبح التجوز عنه لكونه حقيقة، فكان أكثر فائدة.
الرابع: يكفي فيه ادني قرينة، بخلاف المجاز.