اللفظ فرع سماعه، والأخرى تتصور من الأصم الذي طرأ عليه الصمم؛ فإن الذي لم يسمع قط لا يتصور منه النطق باللغات الموضوعة، لأنه لم يسمعها حتى يحكيها، ولذلك قال الأطباء: إن الخرس أصابهم غالبا في آذانهم لا في ألسنتهم، فلم يسمعوا شيئا يحكونه، فلذلك لا يتكلمون.
وخامس عشرها: الدلالة باللفظ توصف بالصفات الكثيرة، فيوصف النطق بالفصاحة، والجهورية، واللكن، والتمتمة، وغير ذلك مما يوصف به المتكلمون في كلامهم، ودلالة اللفظ لا توصف بشيء من ذلك، ولا يوصف العلم الحاصل عن النطق بغير كونه علما، نعم الظن الناشيْ عن النطق قد يوصف بالقوة بخلاف العلم، فهذه وجوه وفروق يحصل لك العلم] ببيانها والعلم بحقيقتها [ويتوصل بهذه الفروق إلى العلم بالفروق الكائنة بين الدلالة باللفظ، وبين دلالة] اللفظ على الطريقين الآخرين الذين تقدم تحريرهما [أول الباب.
(تنبيه)
وقع للإمام، وغيره من المنصفين أن دلالة التضمن والالتزام مجاز، وأن دلالة المطابقة حقيقة، وهو غير مستقيم، فإن الاتفاق وقع على أن الحقيقة استعمال اللفظ في موضوعه، والمجاز استعمال اللفظ في غير موضوعه، والسامع ساكت لم] يسمع [شيئا، فلا يصدق في حقه حقيقة الاستعمال الذي هو جنس مذكور في حدى الحقيقة والمجاز، فلا يتصور أنه في دلالة اللفظ ألبتة، وكذلك إذا فسرنا دلالة اللفظ، يكون اللفظ بحيث إذا أطلق أفهم أو بإفهامه بالفعل، فإن هذين المعنيين غير نطق اللافظ باللفظ، فإنهما ضبط اللفظ، والاستعمال صفه اللافظ، ولا يصدق على اللفظ أنه