وأما الثاني: فتلك الأشياء لا بد وأن يخالف كل واحد منها صاحبه في التعين:

فإما أن يحصل مع ذلك مخالفة بعضها بعضا في شيء من الذاتيات، أو لا يحصل.

فإن كان الأول، فتمام القدر المشترك بينها من الأمور الداخلة فيها هو تمام الماهية المشتركة؛

لأن ما هو أعم منه لا يكون تمام المشترك، وما هو أخص منه لا يكون مشتركا،

وما يساويه، فإن ساواه في الماهية، فهو هو لا غيره، وإن ساواه في اللزوم دون المفهوم،

لم يكن هو تمام القدر المشترك.

وإن كان الثاني، كان تمام القدر المشترك بينهما هو تمام ماهية كل منهما بعينه؛

إذ لو كان لكل واحد منهما ذاتي آخر وراء القدر المشترك، كانت المخالفة بينهما لا بالتعين فقط، بل وبالذاتيات، وقد فرض أنه لا مخالفة في الذاتيات؛ هذا خلف.

وأما الذاتي: فهو إما أن يكون تمام الجزء المشترك، وهو الجنس،

أو تمام الجزء الذي يميزه عما يشاركه في الجنس، وهو الفصل، أو المجموع الحاصل منهما، وهو النوع.

وإما ألا يكون كذلك، فيكون ذلك جزء الجزء، وهو إما جنس الجنس، أو جنس الفصل، أو فصل الفصل.

ثم إن الأجناس تترتب متصاعدة، وتنتهي في الارتقاء إلى جنس لا جنس فوقه، وهو جنس الأجناس.

والأنواع تترتب متنازلة إلى نوع لا نوع تحته، وهو نوع الأنواع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015