وثانيها: أن رواية الآحاد لا تفيد الظن، إلا إذا سلمت عن القدح، وهؤلاء الرواة مجرحون.
بيانه: أن أجل الكتب المصنفة في النحو واللغة: "كتاب سيبويه" وكتاب "العين".
أما "كتاب سيبويه": فقدح الكوفيين فيه وفي صاحبه أظهر من الشمس، وأيضا فالمبرد كان من أجلِّ البصريين، وهو قد أورد كتابا في القدح فيه.
وأما "كتاب العين": فقد أطبق الجمهور من أهل اللغة على القدح فيه.
وأيضا فإن ابن جني قد أورد بابا في كتاب "الخصائص" في قدح أكابر الأدباء بعضهم في بعض وتكذيب بعضهم بعضا، وطول في ذلك وأفرد بابا آخر في أن لغة أهل الوبر أصح من لغة أهل المدر، وغرضه من ذلك القدح في الكوفيين؛ وأفرد بابا آخر في كلمات من الغريب لا يعلم أحد أتى بها إلا ابن أحمر الباهلي.
وروي عن رؤبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظا لم يسمعاها، ولم يسبقا إليها، وعلى نحو هذا قال المازني: ما قيس على كلام العرب، فهو من كلامهم.
وأيضا، فالأصمعي كان منسوبا إلى الخلاعة، ومشهورا بأنه كان يزيد في اللغة ما لم يكن منها.
والعجب من الأصوليين أنهم أقاموا الدلالة على أن خبر الواحد حجة في الشرع، ولم يقيموا الدلالة على ذلك في اللغة، وكان هذا أولى؛ لأن إثبات اللغة كالأصل للتمسك بخبر الواحد، وبتقدير أن يقيموا الدلالة على ذلك،