غير ذلك من المعاني المذكورة لهذا اللفظ، وذلك يفيد نفي القطع بمسماه، وإذا كان الأمر كذلك في هذه اللفظة مع غاية شهرتها ونهاية الحاجة إلى معرفتها، كان الاحتمال فيما عداها أظهر.
وثانيها: أن من شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة، فهب أنا علمنا حصول شرائط التواتر في حفاظ اللغة والنحو والتصريف في زماننا هذا، فكيف نعلم حصولها في سائر الأزمان؟!
فإن قلت: الطريق إليه أمران:
أحدهما: أن الذين شاهدناهم أخبرونا أن الذين أخبروهم بهذه اللغات كانوا موصوفين بالصفات المعتبرة في التواتر، وأن الذين أخبروا من أخبرهم كانوا كذلك إلى أن يتصل النقل بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم.
وثانيهما: أن هذه الألفاظ، لو لم تكن موضوعة لهذه المعاني، ثم وضعها واضع لهذه المعاني،
لاشتهر ذلك ولعرف؛ فإن ذلك مما تتوفر الدواعي على نقله.
قلت: أما الأول، فغير صحيح؛ لأن كل واحد منا حين سمع لغة مخصوصة من إنسان، فإنه لم يسمع منه أنه سمع من أهل التواتر، وأن الذين أسمعوا كل واحد من مسمعيه سمعوها أيضا من أهل التواتر، إلى أن يتصل ذلك بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم، بل تحرير هذه الدعوى على هذا الوجه، مما لا يفهمه كثر من الأدباء؛ فكيف يدعى أنهم علموه بالضرورة؟!
بل الغاية القصوى في راوي اللغة أن يسنده إلى كتاب مصحح، أو إلى أستاذ متقن،
ومعلوم أن ذلك لا يفيد اليقين.