وقوله: (هذا الخلاف راجع إلى القول بتخصيص العلة) فيه نظر؛ لأن تخصيص العلة هو العمل بالمانع، وترك المقتضى.
وهاهنا -وجد ما سموه استحسانًا عملاً بالدليل الشرعي مثل: نص، أو إجماع، أو قياس.
فأنكر عليهم تسميته بالاستحسان -خاصة -في هذا الموضع.
وتارة وجد ما سموه استحسانًا لم يساعد عليه دليل شرعي، بل جرى ذلك الاستحسان مجرى اتباع الهوى.
وتارة وجد دليل شرعي غير معارض بدليل، وقياس.
وهم سموه استحسانًا، وكونه على خلاف القياس.
مثلا الأول: قولهم: إنا نحكم بأن من سبقه الحدث يتوضأ، ويبنى على صلاته، بخلاف المتعمد للحدث، وهذا على خلاف قياس الأحداث؛ لأن فيها يقتضى التسوية بين العمد والسبق.
فقل المنكرون: أما أولاً: فهذا عمل بالحديث بأن من سبقه الحدث يتوضأ ويبنى، فيخصص اسم الاستحسان بالعمل في هذا الموضع خاصة؛ دون غيره لا معنى له، ولا يسلم أنه على خلاف قياس الأحداث؛ لأن قياسها يقتضى عدم التفرقة في انتفاض الطهارة، وحصول الحدث بين العمد، والسبق، وذلك حاصل معمول به، وعدم البناء في العمد لم يقع على خلاف القياس، وإن ادعوا القياس في عدم البناء في السبق، والعمد، فذلك ممنوع.
والفرق: أن المسبوق معذور دون التعمد.
ومثال الثاني: قولهم في شهود الزنى: وجب الرجم استحسانًا، والقياس يقتضى وجوب الحد، فلم يساعدهم دليل شرعي؛ لأنه تعذر إيراد شهاداتهم على زينة واحدة، فصار كما لو شهدوا على الزنى في بيوت؛ فإنه