والجواب الذي ذكره ضعيف؛ لأن القياس إذا اقترن به ما يقتضى تقويته، لا يخرج عن كونه عملاً بالقياس؛ لأن ما اقترن بالقياس لا يمكن أن يكون لفظًا على ما ذكر أن اللفظ لا يكون مقابله الاستحسان على ما ذكره في الحد؛ لأنه اشترط ألا يكون لفظًا؛ وإن لم يكن لفظًا فإنما يتحقق الاستحسان على هذا الحد أن ل كان أقوى من القياس مع تقاربه، وتقويته.
وأما مجرد كونه أقوى من القياس بمجرد النظر إليه لا يجعله استحسانًا، وإذا كان الاستحسان أقوى من القياس مع ما يقترن به يجب العمل به، فلا يصير الاستحسان متروكًا لأجل القياس.
ولئن قال: يترك القياس أولاً لأجل الاستحسان، ثم بعد ذلك ورد ما يقوى العمل بالقياس، فترك العمل بالاستحسان لا لأجل القياس وحده؛ بل لأجل المجموع.
أو يقال: القياس مع الاستحسان هما بحيث لو نظر إليهما على مجردهما لكان الاستحسان أقوى، فكان يجب ترك القياس لأجله، لكن إنما يترك الاستحسان لا لأجل القياس، بل بالنظر إلى المجموع، والمعنى الأول يكفى في تحقيق معنى الاستحسان.
قلنا: أما الأول فيناقض ما ذكره، حيث شرط في الاستحسان أن يكون في حكم الطارئ على المعارض، وما ذكره يقتضى طريان المعارض عليه.
وأما الثاني: فلا يصح عذرًا؛ لأنه شرط ترك المعارض، والعمل بالاستحسان بالفعل لا بالتقدير.
وأما اختيار المصنف ففيه تكرير لقوله: ترك وجه من وجوه لاجتهاد، فقد خرج عن المنصوص؛ لأن المنصوص دلائل مقطوعة المتن، وقد شرط ألا يوجد فيه دليل مقطوع مغاير للعمومات اللفظية.