استصحاب الدليل من عموم، أو إطلاق، وهو حجة؛ فإن حاصله يرجع إلى التمسك بذلك الدليل، وإجراءاته على ظاهره.
وإلى استصحاب الإجماع المتفقة على انعقاد الصلاة بالتيمم قبل وجود الماء إلى حالة وجود الماء، وهذا ممنوع؛ لأن الإجماع يناقضه نفس الخلاف، فكيف يمكن دعوى شموله حالة وجود الماء؟
وإلى استصحاب حالة معهودة من ثبوت، أو انتفاء فيما بعد.
وقد اختلفوا فيه، والمختار أنه حجة، وإليه ذهب المزني، وغيره.
ثم قال: وقول المصنف: (إن الاستصحاب لابد منه في الدين، والعرف والشرع)، غلو كبير، وخروج عن محل النظر.
فإن النظر في أن مجرد العلم بحالة، هل يوجب رجحان اعتقاد البقاء عليها؟ وإلا فل شك في أنه يقترن بالوجود ما يوجب ما يوجب رجحان اعتبار بقائه، وليس استقرار العوائد؛ بمجرد العهد بالوجود ما لم يتكرر تكررًا ينفى احتمال الاتفاق قطعًا، ولهذا وجب الجزم، حتى لو طرًا خلفه في معرض المعجزة جزم بكذبه، وأما عدم الناسخ فلا يستند إلى مجرد العلم بعدمه السابق، بل لابد فيه من بحث يوجب الاطلاع عليه بتقدير الوجود قطعًا، أو ظنًا؛ ليدل عدم الاطلاع.
وأما الغائب عن الأهل، والوطن، فلو اعتقد بقاء كل حالة على ما عهدها من قبل، نسب إلى سلامة القلب، بل يشك في البعض، ويجزم في البعض، ويظن في البعض، ويقطع بالتغيير في البعض، على حسب ما أنس من العوائد المعهودة في الموت، والحياة، والصحة، والسقم، والنوم، ودخول الحمام، وتناول الطعام.