ولهذه القاعدة قال المتكلمون: (لله -تعالى -باق بلا بقاء، وإن كان عالمًا بعلم؛ أي: ليس البقاء زائدًا على الذات في الخارج.
وعلى هذا التقدير لا نقض.
واتضح قولنا: الباقي مستغن عن المؤثر، واندفع قول السائل: إن عنيتم بأن الباقي مستغنٍ عن المؤثر شيئًا آخر، فبينوه، وقد بيناه.
ويمكن أن يقال: المؤثر يحتاج إليه الباقي من وجه آخر لا من جهة كونه باقيًا، كما نقول الأعراض شرط في بقاء الجواهر، والأعراض لا تبقى زمانين، فيفتقر بقاء الجواهر لمؤثر يؤثر في تجدد الأعراض، حتى يحصل شرط بقائها، فتبقى، وهذا وجه وجودي يصح إسناده إلى المؤثر، يتوقف عليه الباقي، ويصدق بطريقه أن الباقي مفتقر إلى المؤثر من حيث الجملة.
فهذا هو روح البحث في هذه النكتة، فخرج بقيتها عليه.
قوله: (الباقي كان ممكنًا، والإمكان لازم له، فكل ممكن مفتقر للمؤثر):
قلنا: كل ممكن مفتقر إلى المؤثر، معناه: أن الاستواء في الوجود والعدم، من ضرورته ألا يترجح أحد طرفه إلا لمرجح، والإمكان ثابت حالة البقاء، وكن الرجحان يفتقر إلى المؤثر حاصل؛ لأن الطرف الراجح حالة البقاء الذي هو الوجود لم يكن إلا لمؤثر رجحه، لكن ترجيحه كان حالة الحدوث، واستمر ذلك الحكم.
وإنما يلزم ما قاله الخصم أن لو صدق أن كل ممكن مفتقر؛ ليحصل الترجيح من المؤثر في كل زمان صدق فيه الإمكان، حتى يلزم دوام التأثير بدوام الأثر، ونحن نمنع ذلك.
بل نقول: الإمكان إنما يقتضى أن الترجيح لا يحصل إلا بمرجح مؤثر في الوجود إن كان الراجح هو الوجود، أو بمرجح مؤثر إن كان الراجح هو