فإذن: العلم بالأولوية مستفاد من العلم بوجوده في الحال، وعلى هذا التقدير: يسقط الدور.

قوله: (هب أنت الباقي راجح على الحادث في الوجود الخارجي؛ فلم قلت: (يجب أن يكون راجحًا عليه في الذهن؟):

قلنا: لأن الاعتبار الذهني مطابق للاعتبار الخارجي، وإلا كان جهلاً.

قوله: (التسوية بين الزمانين، إن لم يكن بالقياس، كان ذلك تسوية بين الزمانين من غير دليل):

قلنا: القياس دليل واحد من أدلة الشرع، وليس يلزم من عدم دليل معين عدم الدليل بالكلية، بل نحن سوينا بين الزمانين في الحكم؛ بناًء على ما ذكرنا من أن العلم بثبوته في الحال يقتضي ظن ثبوته على ذلك الوجه في الزمان الثاني، والعمل بالظن واجب.

واعلم أن القول باستصحاب الحال أمر لابد منه في الدين، والشرع، والعرف.

أما في الدين: فلأنه ل يتم الدين إلا بالاعتراف بالنبوة، ولا سبيل إليه إلا بواسطة المعجزة، ولا معنى للمعجزة إلا فعل خارق للعادة، ولا يحصل فعل خارق للعادة إلا عند تقرر العادة، ولا معنى للعادة إلا أن العلم بوقوعه على وجه مخصوص في الحال، يقتضى اعتقاد أنه لو وقع، لما وقع إلا على ذلك الوجه؛ وهذا عين الاستصحاب.

وأما في الشرع: فلأنا إذا عرفنا أن الشرع تعبدنا بالإجماع، أو بالقياس، أو بحكم من الأحكام -فلا يمكننا العمل به إلا إذا علمنا، أو ظننا عدم طريان الناسخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015