وثانيها: قوله تعالى:} أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم {والعلماء من أولي الأمر؛ لأن أمرهم ينفذ على الأمراء والولاة.
وثالثها: قوله تعالى:} فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين {أوجب الحذر بإنذار من تفقه في الدين مطلقًا؛ فوجب على العالم قبوله؛ كما وجب على العامي ذلك.
ورابعها: إجماع الصحابة: روي أن عبد الرحمن بن عوفٍ قال لعثمان: (أبايعك على كتاب الله، وسنة رسوله، وسيرة الشيخين) فقال: (نعم) وكان ذلك بمشهد من عظماء الصحابة، ولم ينكر عليه أحد، فكان ذلك إجماعًا.
فإن قلت: (إن عليًا خالف فيه): قلت: إنه لم ينكر جوازه؛ لكنه لم يقبله، ونحن لا نقول بوجوبه؛ حتى يضرنا ذلك.
وخامسها: أنه حكم يسوغ فيه الاجتهاد؛ فجاز لمن لم يكن عالمًا به تقليد من علمه؛ كالعامي، والجامع وجوب العمل بالظن الحاصل بقول المفتي.
وسادسها: أجمعنا على أنه يجوز للمجتهد أن يقبل خبر الواحد عن مجتهدٍ آخر، بل عن عامي، وإنما جاز ذلك؛ اعتمادًا على عقله ودينه، فهاهنا: إذا أخبر المجتهد عن منتهي اجتهاده بعد استفراغ الوسع، والطاقة، فلأن يجوز العمل به كان أولى.
وسابعها: أن المجتهد، إذا أدي اجتهاده إلى العمل بفتوى مجتهد آخر، فقد حصل ظن أن حكم الله - تعالى - ذلك، وذلك يقتضي أن يحصل له ظن أنه لو لم يعمل به، لاستحق العقاب؛ فوجب أن يجب العمل به؛ دفعًا للضرر المظنون.