الفروع؛ فإن البغية فيها الظن، ويمكن حصوله بالتقليد؛ ولذلك جاز للعامي أن يقلد في الفروع، دون الأصول.
وأيضًا: فما ذكرتموه ينتقض بقضاء القاضي؛ فإنه لا يجوز خلافه، وإن كان متمكنًا من معرفة الحكم؛ فإنه لا معني للتقليد إلا وجوب العمل عليه من غير حجةٍ.
وينتقض أيضًا بمن دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه متمكن من الوصول إلى حكم المسألة؛ مع أنه يجوز أن يسأل من أخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: أما الجواب عن الأول: فهو: أنا إنما أوجبنا على المكلف تحصيل اليقين؛ لأنه قادر، والدليل حاضر؛ فوجب عليه تحصيله؛ احترازًا عن الخطأ المحتمل، وهذا المعني حاصل في مسألتنا؛ لأن المكلف قادر، والدليل المعين للظن الأقوى حاصل؛ فوجب عليه تحصيله؛ احترازًا عن الخطأ المحتمل في الظن الضعيف.
وعن الثاني: أنه لما دلت الدلالة على أن الحكم الذي قضي به القاضي لا يمكنه نسخه بالاجتهاد، فلم يكن العمل به تقليدًا؛ بل عملاً بذلك الدليل.
وعن الثالث: أنه لا نسلم جواز الاكتفاء بالسؤال من غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند القدرة.
واحتج المخالف بأمورٍ:
أحدها: قوله تعالى:} فاسألوا أهل الذكر، إن كنتم لا تعلمون {والعالم قبل أن يجتهد لا يعلم؛ فوجب أن يجوز له السؤال.