بحكم العقل، قاطع المتن، قاطع الدلالة - نبهه المفتي عليه، ولا حاجة في فهم مثل هذا النص إلى تدقيق يمنعه من عمل المعاش، وإن لم يوجد فيه مثل هذا النص، وجب عليه العمل بحكم العقل.

فثبت أن المنع من التقليد: إنما يصعب على قول من يوجب العمل بالقياس وخبر الواحد، أما من لا يقول بذلك، فلا صعوبة عليه ألتبة.

وأيضًا: فهذه الدلالة: لو صحت لوجب القول بجواز التقليد في مسائل الأصول؛ لأنا نعلم أن الوقوف على تلك الدلائل لا يحصل إلا بعد الكد الكثير، ونحن نعلم من حال الصحابة: أنهم ما كانوا يلومون من لم يتعلم علم الكلام في أول زمان بلوغه.

وأيضًا: الاشتغال بتحصيله يمنع من الاشتغال بأمر المعاش.

أجابوا: بأن الذي يجب على المكلف معرفة أدلة التوحيد والنبوة على طريق الجملة، لا على طريق التفصيل، ومعرفة تلك الأدلة على سبيل الإجمال أمر سهل هين، يحصل بأدني سبب؛ بخلاف الاجتهاد في فروع الشرع؛ فإنه لابد فيه من علومٍ كثيرةٍ، وتبحرٍ شديدٍ.

واعلم أن هذا الفرق: إنما يتلخص، إذا سلمنا لهم الفرق بين مباحث الجملة، ومباحث التفصيل.

وعندي أن هذا الفرق باطل، وذلك لأن الدليل، إذا كان مركبًا مثلاً من مقدمات عشرٍ، فالمستدل إن كان عالمًا بها بأسرها، وجب حصول العلم النظري له؛ لا محالة، وإن امتنعت الزيادة عليه؛ لأن تلك المقدمات العشر، إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015