يطلب رتبة المجتهد في أول ما يكمل عقله، وثانيهما: أن وجوب ذلك عليه يمنعه من الاشتغال بأمور الدنيا، وذلك سبب لفساد العالم.
والثاني أيضًا: باطل؛ لأنه يقتضي أن يجب عليه اكتساب صفة المجتهدين عند نزول الحادثة؛ وذلك غير مقدور له.
ولقائلٍ أن يقول على هذا الوجه: القائلون بأنه لا يجوز التقليد في الشرع لا يقولون بالإجماع، ولا بخبر الواحد، ولا بالقياس، ولا يجوزون التمسك بالظواهر المحتملة.
وإذا كان كذلك، سهل الأمر عليهم؛ فإنهم قالوا: قد تقرر في عقل كل عاقلٍ أن الأصل في اللذات الإباحة، وفي المضار الحرمة:
فإن جاء في بعض الحوادث نص قاطع المتن، قاطع الدلالة يوجب ترك ذلك الأصل العقلي - قلنا به.
وإن لم يوجد ذلك، وجب البقاء على حكم العقل، وإذا ثبت هذا: فالعامي، إذا وقعت له واقعة: فإما أن يكون فيه شيء من الذكاء، أو لا يكون؛ بل يكون في غاية البلادة: فإن كان فيه شيء من الذكاء، عرف حكم العقل فيه، وإن كان في غاية البلادة، نبهه المفتي على حكم العقل.
وليس لأحد أن يقول: الاشتغال بذلك يمنعه عن عمل المعاش؛ لأنه إذا جاز تكليفه بمعرفة الأدلة الدقيقة في مسائل الأصول، ولا يمنعه ذلك عن المعاش، فكيف تمنعه معرفة هذا القدر من طلب المعاش؟!.
ثم إذا عرف العامي حكم العقل، وأن ما في الواقعة نص يوجب ترك العمل