قال الرازي: وهو مرتب على أربعة أقسام
القسم الأول
في التعادل، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: اختلفوا في أنه هل يجوز تعادل الأمارتين؟ فمنع منه الكرخي مطلقا. وجوزه الباقون، ثم المجوزون اختلفوا في حكمه عند وقوعه، فعند القاضي أبي بكر منا، وأبي على وأبي هاشم من المعتزلة: حكمه التخيير، وعند بعض الفقهاء: حكمه أنهما يتساقطان، ويجب الرجوع إلى مقتضى العقل.
والمختار أن نقول: تعادل الأمارتين: إما أن يقع في حكمين متناقضين، والفعل واحد، وهو كتعارض الأمارتين على كون الفعل قبيحا، ومباحا، وواجبا، وإما أن يكون في فعلين متنافيين، والحكم واحد؛ نحو وجوب التوجه إلى جهتين قد غلب على ظنه أنهما جهتا القبلة.
أما القسم الأول: فهو جائز في الجملة؛ لكنه غير واقع في الشرع: أما أنه جائز في الجملة: فلأنه يجوز أن يخبرنا رجلان بالنفي والإثبات، وتستوي عدالتهما وصدق لهجتهما؛ بحيث لا يكون لأحدهما مزية على الآخر- وأما أنه في الشرع غير واقع؛ فالدليل عليه أنه لو تعادلت أمارتان على كون هذا الفعل محظورا ومباحا: فإما أن يعمل بهما معا، أو يتركا معا، أو يعمل بإحداهما دون الثانية: