الرذائل، وفي ضم سلب الشهادة إليه مبالغة في تقريره، فوجب أن يكون مشروعا كما في الرقيق لكان دلالة؛ لأن الجامع دليل كما ترى، وليس بعلة، بل العلة النقيض الذي أوجبها، فليلعم ذلك.

(قاعدة)

قال ابن برهان في كتاب (الأوسط): للأحكام الشرعية أربعة أقسام:

الأول: قسم ثبت لعلة توجد في معظم الخلائق، وإن لم توجد في حق الكل، كالرخصة لعلة مشقة السفر؛ فإنها لا توجد المشقة في حق الملك العظيم المترفه بسفر، ويجوز له الرخصة؛ اعتبارا بوجود العلة في الأغلب، وفي الشرع في تمهيد القواعد لا ينظر إلى آحاد الصور النادرة.

الثاني: حكم ثبت لعلة توجد في الكثير قطعا، وتعدم في القليل منه قطعا، كتحريم الخمر للإسكار الذي نقطع بوجوده في كثيره، ونقطع بعدمه في القطرة منه، فتحرم- أيضا- وإن فقد الإسكار، فحرمه الشرع، لأن القليل منه يدعو للكثير، فيحرم الكثير، للإسكار، والقليل؛ لأنه وسيلة إليه.

الثالث: قسم ثبت لعلة حاصلة للبعض، وغيرهم تبع لهم، كقوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف: 157]، والمراد أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيما ينفر عنه طباعهم، فهو الخبائث، أو يميل إليه، فهو الطيبات، وغيرهم تبع لهم في ذلك؛ لأنه لو اعتبر كل أحد، فربما يفر زيد مما يميل إليه عمرو، فتتناقض الأحكام.

قلت: قيل: المراد النفوس الكريمة أين كانوا في كل عصر، فالمستخبث عندها هو الخبيث، والمألوف عندها هو الطيب.

وعلى هذا- أيضا- وإن لم يختص بالصحابة- رضوان الله عليهم- فغير النفوس الكريمة تبع لهم، فما خرج عما قاله ابن برهان، غير أن البعض اختلف فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015