الجماد، فإن الأصوات والحروف لا يشترط فيها الحياة، فإنها رياح تنضغط في مجار، وهذا المفهوم يتأتي في الجماد.

وقد أخبرت عن القاضي الفاضل وزير الملك الناصرصلاح الدين، أنه جاءه رجل فقال له: عندنا صنم يتكلم، فذه ب إلأيه معه، فوجد صنما من رخام أحمر قد أتى عليه الرمل إلا رأسه وهو ساكت.

فقال له الفاضل: ما له لا يتكلم؟ فقال له: تريد ذلك؟ فقال: نعم، فوضع الرجل إصبعه على ثقب في وسط رأسه، ولاريح يخرج نمه خروجا شديدا، فمنع الريح من الخروج حتى تغمر باطن الصنم به، ثم فتح ذلك الثقب، فشرع الريح يخرج، وجعل الصنم يقول: هاتان المدينتان كانتا لشداد وشديد ابني عاد، ماتا وصارا إلى التراب، من ذا الذي يبقى على الحدثان؟ وطول في الحدثان تطويلا شديدا حتى فرغ الريح من جوفه، ثم أعاد سد ذلك الثقب، فأعاد القول بعينه مرارا، وهو لا يزيد على ذلك، ولا ينقص، وسر ذلك أن الكلام أصله الريح، الذي هو النفس، فإذا ضغطه الإنسان حدث الصوت منغير حرف، فإن قطع ذلك الصوت في مقطع مخصوص حدث الحرف المناسب لذلك المقطع، فصار الصوت عارضا للنفس، والحرف عارا للصوت، لكن يشترط في المجري ملوسة خاصة وصقال خاص، فإن تغيير بطل الكلام، ألا ترى أن الإنسان إذ خشن حلقه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015