من الحروف المهلمة لا من الموضوعة، فخرج جيمع الكلام عن حد الكلام، فيبطل الحد ضورة لاشتراطه الوضع وعدم الإهمال والواقع الإهمال، فإن قلت: أحمل وقله: المهملة علىنها أهملت أن توضع لها لا أنها أهملت أن توضع في نفسها، ولا شك أن الحروف منها ما وضع لها كما تقدم، ومنها ما لم يوضع له كالحرف المركب من الباء والفاء في انحو: أغرافيا الذي عرفه الناس، وقالوا: جغرافيا، والمركب من الجيم والشين في نحو: نفشواني، فصيرت السين جيما كما صيرت الفاء في المثال الأول باء ونحو ذلك، وقد انتهت أوضاع العرب كما حكاه الزمخشري في "المفصل" وغيره إلى نيف وثلاثين حرفا وضعت لها، منها مشهور في الإستعمال وهو الثمانية والعشرون، ومنها قليل الاستتعمال نحو: التي بين القاف والكاف، وهو مبسط في كتب النحو.

وأخبر بعض المؤرخين أن بعض الطوائف لا يتكلمون إلا بتسعة أحرف فيقولون: خل أخمر بالخاء فيهما، ويسقطون الحاء المهملة، وعلى هذه الطريقة يستقيم كلامه.

قلت: المتبادر إلى الفهم من المهملة هو أنها لم توضع، وإرادة مثل هذا في الحد إلغار، وتحديد بما لا يفهم فلا يجوز، سلمنا أنه لا يخفي وأنه يتبادر للفهم، لكن لا نسلم أن تلك الحروف ما وضع لها، بل وضعوا للفاء في المثال الأول باء مشربا فاء، ووضعوا جيما في المثال الثاني مشربا سين، وبالجملة فهذا الموضوع - كما ترى - عويص.

قوله: "وقولنا: إذا صدرت عن قادر واحد احتززنا عن صدور كل حرف من قادر))، يرد عليه أن هذا يمنع أن يسمى منتظما، بل هو مفترق، فقد خرج بقيد الإنتظام، ثم اشتراط القادر يصير الحد غير جامع؛ فإن القادر لا يتصور [إلا] في حي له إرادة وقدرة، والكلام قد يحصل من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015