يعلمه جوهرا، فالعلم دائر مع المعلوم وجودا وعدما، مع أنه يستحيل أن يكون أحدهما علة للآخر.

أما أنه لا يكون العلم علة للمعلوم: فلأن شرط كونه علما: أن يتعلق بالشيء على ما هو به، فما لم يكن المعلوم في نفسه واقعا على ذلك الوجه، استحال تعلق العلم به على ذلك الوجه؛ فإذن: تعلق العلم به على ذلك الوجه مشروط بوقوعه على ذلك الوجه، فلو كان وقوعه على ذلك الوجه متوقفا على تعلق العلم به، لزم الدور.

وأما أنه يستحيل أن يكون المعلوم علة للعلم: فلأن علم الله تعالى صفة أزلية؛ واجبة الوجود، وما كان كذلك، يستحيل أن يكون معلول علة؛ فثبت أنه وجد الدوران ها هنا بدون العلة، ثم إن علم الله تعالى متعلق بما لا نهاية له من المعلومات، فها هنا دورانات لا نهاية لها بدون العلية.

وعاشرها: أن الأعراض عند أهل السنة لا تبقى، فهذه الألوان والأشكال تحدث حالا بعد حال، فحين فني ذلك اللون، وذلك الشكل عن ذلك الجسم، فنيت الألوان، والأشكال، وسائر الأعراض عن جميع الأجسام، وحين حدث فيه لون، وشكل، حدث فيه سائر الأعراض في جميع الأجسام، فقد حصلت هذه الدورانات الكثيرة بدون العلية.

وحادي عشرها: أن الفلك، إذا تحرك تحرك بجميع أجزائه، فحركة كل واحد من أجزائه، إنما حدثت عند حركة جميع أجزائه، وحين كانت تلك الحركة معدومة عن ذلك الجزء، كانت حركات سائر الأجزاء معدومة؛ فقد حصلت هذه الدورانات الكثيرة بدون العلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015