مرارا كثيرة وأجزاء البرة كلها إلا قشرها، نبتت من السنبة فالقضية بالعكس السنبلة كل والأصل بعض، وكذلك النواة في النخلة والنطفة في الإنسان وأما بيان الجنس نحو قوله تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}.
وقولنا: خاتم من فضة، وباب من الساج، فلأن معناه أن الأول أعم من المجرور فبين المتكلم أن المراد من ذلك العام هذا المخصوص، وأنه ليس مراده مطلق الباب، بل الباب الكائن من السَّاج، وكذلك بقية الصور.
والأصل في اللغة لا يمكن وجود فرعه بدونه، فلا توجد السنبلة من غير بُرَّة، ولا إنسان من غير نطفة في جارى عادة الله، وقد تنخرق العادة كما في آدم، وعيسى عليهما السلام، لكن اللغة إنما وضعت للعادة لا لما خرقها، وإذا بطل معنى العموم بطل بيان الجنس.
وأما الزيادة لتأكيد العموم نحو: ما جاءنى من أحد.
أو تنصيص العموم نحو: ما جاءنى من رجل.
أو بمعنى ((عند)) نحو: قوله تعالى: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة .... يخلفون} أو غيرها مما ذكره النحاة فبعيد جدا عن هذا الموطن، وإنما بينت الذي يقرب لتوهم إرادته، أما البعيد جدا فلا أطول بذكره.
قال الآمدىُّ: أصل الشىء ما يستند تحقق ذلك الشى إليه، وينبغي أن يقول: في مجرى العادة، وإلا فيشكل عليه الخالق العالم سبحانه وتعالى، فإن وجود كل شىء يستند إليه، ولا يسمى في اللغة أصلا للبرة ولا لغيرها، بل يقال له تعالى: خالق ولا يقال: أصل.