قلنا: وقد تقدم أنَّ المراد من كل دليل ظني من أدلة أصول الفقه هو يقيد إضافته لما معه من الأدلة الناشئة عن الاستقراء التام في جميع السنة والكتاب، وأقضية الصحابة، ومناظراتهم وفتاويهم، ونحو ذلك، فالمجموع المركب من الدليل مع هذه الإضافة يفيد القطع.
(سؤال)
قال النقشواني: رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - استعمل القياس، ولم يقل: (إن القياس حجة، وبينهما فرق عظيم؛ لأنه - عليه السلام - إذا استعمل القياس كانت مقدماته سالمة عن المطاعن قطعًا؛ لوفور اطلاعه - عليه السلام - فيكون هذا القياس مقدماته قطعية، وهذا لا نزاع فيه، إنما النزاع إذا كانت مقدماته ظنية، وقصورنا عن رتبته يوجب حصول الظن لنا فقط.
قلت: ويمكن أن يقال: إنه - عليه السلام - لما احتج به على عمر - رضي الله عنه - دل ذلك على أن أصل القياس مقرر عند عمر، وإذا كان أصل القياس معلومًا عند عمر، كان معلومًا عند الصحابة، فيكون حجة مطلقًا.
ويمكن أن يجاب عنه بأن الذي تقرر عند عمر القياس الذي مقدماته قطعية فقط، وعلم أن هذا القياس كذلك؛ لصدوره عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه معصومًا عن الخطأ بخلاف غيره.
وهذا السؤال يهدم أكثر الأجوبة والتقريرات في هذا المسلك، والذي بعده.
* ... * ... *