إذا ثبت هذا، فنقول: لو جعلناه حقيقة في المجاوزة، لكان حقيقة في الاتعاظ وغيره، على سبيل التواطؤ.
أما لو جعلناه حقيقة في الاتعاظ، كان استعماله في غيره: إما بالاشتراك، أو بالمجاز؛ وهما على خلاف الأصل.
وعلى هذا التقرير: لا يضرنا قولهم: إن لفظ (الاعتبار) مستعمل في الاتعاظ، فأما قوله: (لا يقال لمن يستعمل القياس: (إنه معتبر):
قلنا: لا نسلم؛ فإنه يصح (أن يقال: إن فلانًا يعتبر الأشياء الفعلية بغيرها) بلى من أتى بقياس واحد لا يقال: (إنه معتبر على الإطلاق)، كما أنه لا يقال له: (إنه قائس على الإطلاق) لأن لفظ المعتبر والقائس على الإطلاق، لا يستعمل إلا في المكثر منه.
قوله: (المكثر من حمل الفروع على الأصول، إذا لم يتفكر في أمر آخرته لا يقال له: (إنه معتبر):
قلنا: لما كان الغرض الأعظم من الاعتبار هو العمل للآخرة، فإذا لم يأت بما هو المقصود الأصلي، قيل: (إنه غير معتبر) على سبيل المجاز، كما يقال لمن لا يتدبر في الآيات: (إنه أعمى وأصم).
وأما قوله تعالى: {وإن لكم في الأنعام لعبرة} [النحل: 66].
قلنا: معنى المجاوزة حاصل فيه؛ لأن النظر في خلقها يفيد العلم بوجود صانعها.
قوله: (سلمنا أنه حقيقة في المجاوزة، ولكن وجد ما يمنع من حمله عليها):
قلنا: لا نسلم.
قوله: (لو قال: (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فقيسوا الذرة على البر) كان ركيكًا):