السموات والأرض، وفي الأشياء التي عرف حكمها بالاعتبار مرة، فالمكلف بعد ذلك لا يكون مأمورًا باعتبار آخر.
وثانيها: لو قال لوكيله: (أعتق غانمًا؛ لسواده) فليس للوكيل أن يعتق سالمًا؛ لسواده.
وثالثها: أن عند قيام النص في المسألة لا يكون الرجل مأمورًا بالعمل بالقياس.
ورابعها: الأقيسة المتعارضة لا يتناولها الأمر؛ فثبت أن هذا العام مخصوص، ومثل هذا العام ليس بحجة؛ على ما سبق بيانه في باب العموم، سلمنا أنه حجة؛ لكن حجة قطعية، أو ظنية؟.
الأول ممنوع، والثاني مسلم:
بيانه: أنكم، إنما بينتم كون الاعتبار اسمًا للمجاوزة بتلك الاشتقاقات، ولا شك أن التوسل بالاشتقاقات إلى تعيين المسمى دليل ظني، ومسألة القياس مسألة يقينية، وبناء اليقيني على الدليل المبني على المقدمة الظنية لا يجوز، سلمنا: أنه يفيد اليقين؛ لكنه أمر، والأمر لا يفيد التكرار؛ فلا يتناول كل الأوقات.
سلمنا أنه يتناول كل الأوقات؛ ولكنه خطاب مشافهةٍ، فيختص بالحاضرين في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
والجواب: قلنا: جعله حقيقة في المجاورة أولى؛ لوجهين:
الأول: أنه يقال: (فلان اعتبر فاتعظ)، فيجعلون الاتعاظ معلول الاعتبار، وذلك يوجب التغاير.
الثاني: أن معنى المحاوزة حاصل في الاتعاظ؛ فإن الإنسان ما لم يستدل بشيء آخر على حال نفسه لا يكون متعظًا.