تعيين الباقي؛ لأن نسبة القدر المشترك بين أنواع مخصوصة إلى كل واحد منها على السوية؛ فإما ألا يجب شيء منها، وهو باطل؛ لأن تجويز الإخلال بجميع أنواع الماهية يستلزم تجويز الإخلال بتلك الماهية؛ فيلزم ألا يكون مسمى الاعتبار مأمورًا به، وهو باطل.

أو يجب جميع أنواع الاعتبار المأمور به في الآية، فيكون القياس الشرعي مندرجًا فيه.

قلت: لا نسلم أنه ليس بعض الأنواع أولى من بعض؛ لأن الاعتبار المأمور به في الآية لا يمكن أن يكون هو القياس الشرعي فقط، وإلا لصار معنى الآية: (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فقيسوا الذرة على البر) ومعلوم أنه غير جائز؛ بل لا بد من الاعتراف بأن الاعتبار المأمور به يفيد نوعًا غير القياس الشرعي، وهو الاتعاظ مثلاً، إلا أنا نقول: إنه يفيد الاتعاظ فقط، وأنتم تقولون: يفيد الاتعاظ والقياس الشرعي.

فظهر بهذا أن الأمر بالاعتبار يستلزم الأمر بالاتعاظ، ومسمى الاعتبار حاصل في الاتعاظ؛ ففي إيجاب الاتعاظ حصل إيجاب مسمى الاعتبار، فلا حاجة إلى إيجاب سائر أنواعه، وأيضًا: فنحن نوجب اعتبارات أخرى:

أحدها: إذا نص الشارع على علة الحكم، فهاهنا: القياس عندنا واجب.

وثانيها: قياس تحريم الضرب على تحريم التأفيف.

وثالثها: الأقيسة العقلية.

ورابعها: الأقيسة في أمور الدنيا؛ فإن العمل بها عندنا واجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015