فهذا تفصيل المذاهب، والذي نذهب إليه، وهو قول الجمهور من علماء الصحابة والتابعين أن القياس حجة في الشرع.
لنا: الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2] وجه الاستدلال به: أنَّ الاعتبار مشتق من العبور، وهو المرور؛ يقال: عبرت عليه، وعبرت النهر، والمعبر: الموضع الذي يعبر عليه، والمعبر: السفينة التي يعبر فيها؛ كأنها أداة العبور، والعبرة: الدمعة التي عبرت من الجفن، وعبر الرؤيا، وعبرها: جاوزها إلى ما يلازمها.
فثبت بهذه الاستعمالات كون الاعتبار حقيقة في المجاوزة؛ فوجب ألا يكون حقيقة في غيرها؛ دفعًا للاشتراك.
والقياس: (عبور) من حكم الأصل إلى حكم الفرع؛ فكان داخلاً تحت الأمر. فإن قيل: لا نسلم أن الاعتبار هو المجاوزة، فوجب ألا يكون حقيقة في غيرها؛ دفعًا للاشتراك.
والقياس: (عبور) من حكم الأصل إلى حكم الفرع؛ فكان داخلاً تحت الأمر. فإن قيل: لا نسلم أن الاعتبار هو المجاوزة، بل هو عبارة عن الاتعاظ؛ لوجوه:
أحدها: أنه لا يقال لمن يستعمل القياس العقلي: إنه معتبر.
وثانيها: أن المتفكر في إثبات الحكم من طريق القياس، إذا لم يتفكر في أمر معاده، يقال: إنه غير معتبر، أو قليل الاعتبار.
وثالثها: قوله تعالى: {إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} [آل عمران: 13، والنور: 44]، {وإن لكم في الأنعام لعبرة} [النحل: 66، النحل: المؤمنين: 21] والمراد به: الاتعاظ.
ورابعها: يقال: (السعيد من اعتبر بغيره) والأصل في الكلام الحقيقة،