إذا تقررت القاعدتان فنقول: لو لم يكن الجمع بين الصوم والاعتكاف مطلوبًا للشارع، لما وجب الجمع بينهما إذا نذر ذلك، كما لو نذر الجمع بين الصلاة والصوم؛ فإنه لا يجب؛ لأن الجمع بين الصلاة والصوم غير مطلوب، بل المطلوب كل واحد منهما من حيث هو هو، فهذا تقرير هذا التلازم وهذا القياس.
فجعلنا عدم لزوم الجمع بين الاعتكاف والصوم لازمًا لعدم كونه مطلوبًا في أصل الشرع، وهذا العدم منفى الذي هو اللازم؛ للاتفاق على لزوم الجمع بالنذر في الاعتكاف والصوم، فيبقى ملزومه، وهو عدم كونه مطلوبًا في أصل الشرع حالة عدم النذر، فاللازم والملزوم هاهنا عدميان، والملازمة تقع على أربعة أقسام: اللازم والملزوم عدميان كما تقدم، ووجوديان، كقولنا: (لو كان العدد عشرة لكان زوجًا)، والملزوم وجودىّ واللازم عدمىّ، كقولنا: (لو كان العدد عشرة لم يكن فردًا)، وعكسه كقولنا: (لو لم يكن العدد زوجًا لكان فردًا. هذا تقرير هذا الموضع) ويرد عليه أن إذا سلم هذا البحث ينتج أن الجمع بينهما مطلوب، لكن الطلب قد يكون على وجه الندب، والخصم يقول به، ومقصود المستدل إنما هو الوجوب، وهو غير لازم من هذا البحث، ولا يمكن المستدل أن يقول: إذا ثبت النذر ثبت الوجوب؛ لأنه لا قائل بالفرق؛ لأن الخصم قائل بالفرق، وهو الندب دون الوجوب، ولو أنه إلا للخروج من الخلاف على سبيل الورع.
قوله: (ما لا يكون شرطًا للشيء في نفسه لا يصير شرطًا له بالنذر):
قلنا: ممنوع، بل يكون مندوبًا ليس بشرط، فإذا نذر انتقل من الندب للوجوب كما تقرر في الفقه.
قوله: (وهذا قياس الطرد لا قياس العكس).
تقريره: أن مطلوب المستدل في هذا المقام إنما هو عدم لزومه بالندب،