المسألة الثانية
في الأصل والفرع
إذا قسنا الذرة على البر؛ في تحريم بيعه بجنسه متفاضلاً، فأصل القياس: إما أن يكون هو البر، أو الحكم الثابت فيه، أو على ذلك الحكم، أو النص الدال على ثبوت ذلك الحكم.
فالفقهاء جعلوا الأصل اسمًا لمحل الحكم المنصوص عليه.
والمتكلمون جعلوه اسمًا للنص الدال على ذلك الحكم.
أما قول الفقهاء: فضعيف؛ لأن أصل الشيء ما تفرع عنه غيره، والحكم المطلوب إثباته في الذرة غير متفرع على البر؛ لأن البر، لو لم يوجد فيه ذلك الحكم، وهو حرمة الربا، لم يمكن تفريع حرمة الربا في الذرة عليه.
ولو وجد ذلك الحكم في صورة أخرى، ولم يوجد في البر، أمكن تفريع حكم الربا في الذرة، عليه.
فإذن الحكم المطلوب إثباته غير متفرع أصلاً على البر؛ بل على الحكم الحاصل ف يالبر؛ فالبر إذن لا يكون أصلاً للحكم المطلوب.
وأما قول المتكلمين: فضعيفٌ أيضًا؛ من هذا الوجه؛ لأنا لو قدرنا كوننا عالمين بحرمة الربا في البر بالضرورة، أو بالدليل العقلي، لأمكننا أن نفرع عليه حكم الذرة، فلو قدرنا أن النص على حرمة الربا في صورة خاصة، لم يمكن أن نفرع عليه حكم الذرة تفريعًا قياسيًا، وإن أمكن تفريعًا نصيًا.
وإذا كان كذلك، لم يكن النص أصلاً للقياس، بل أصلاً لحكم محل