من المقدمتين معلوم، والحكم في النتيجة مجهول، فاستلزام المطلوب من هاتين المقدمتين يوجب صيرورة الحكم المطلوب مساويًا للحكم في المقدمتين؛ في صفة المعلومية.
والجواب: أما الشيء الذي سميتموه بـ (قياس العكس) فهو في الحقيقة تمسك بنظم التلازم، وإثبات لإحدى مقدمتي التلازم بالقياس؛ فإنا نقول: (لو لم يكن الصوم شرطًا في صحة الاعتكاف، لما صار شرطًا له بالنذر، لكنه يصير شرطًا له بالنذر، فهو شرط له مطلقًا) فهذا تمسك بنظم التلازم، واستثناء نقيض اللازم لإنتاج نقيض الملزوم، ثم إنا نثبت المقدمة الشرطية بلقياس، وهو أن ما لا يكون شرطًا للشيء في نفسه لم يصر شرطًا له بالنذر؛ كما في الصلاة، وهذا قياس الطرد، لا قياس العكس، وأما الصورتان الباقيتان، فلا نسلم أنه قياس؛ لما بيَّنَّا.
قوله: (معنى التسوية حاصل فيه من الوجه المذكور):
قلنا: لو كفى ذلك الوجه في إطلاق اسم القياس، لوجب أن يسمى كل دليل قياسًا؛ لأن المتمسك بالنص جعل مطلوبه مساويًا لذلك النص في المعلومية، ولو صح ذلك، لامتنع أن يقال: (ثبت الحكم في محل النص بالنص، لا بالقياس).
فإن أردنا أن نذكر عبارة في تعريف القياس؛ بحيث تتناول كل هذه الصور فنقول القياس قول مؤلف من أقوال، إذا سلمت، لزم عنها لذاتها قول آخر.
وتحقيق القول في هذا التعريف مذكور في كتبنا العقلية.