قوله: (يجوز بثلاث شرائط: ألا تكون عبارة الراوي قاصرة، ألا يزيد ولا ينقص، وأن يساوي في الجلاء والخفاء).
تقريره: أن هذا الشرط الأخير ينبغي أن يكون أولًا، ويكون التقرير هكذا: أن العبارة النبوية إن كانت مجملة، وجب أن تكون هذه مجملة خفية، أو دالة جلية، وجب أن تكون الأخرى كذلك؛ لئلا يفوت مقصود صاحب الشرع من امتحان المكلفين بالخطاب بالمجمل للتثبيت، وبالواضع للمبادرة لتحصيل مصلحة الفعل، وإذا كانت العبارة الأصلية دالة، فلا تكون الثانية أقل دلالة منها، بل مثلها أو أزيد؛ فإن إحدى العبارتين قد تكون أكثر استعمالًا، فيقوى جلاؤها، وقد تكون أقل استعمالًا، فيقل جلاؤها.
وإذا استويا في الجلاء أو زادت الترجمة، فلا يجوز أن تكون الترجمة أزيد في المعنى، ولا أنقص، فقد تستوي العبارتان في الجلاء، وتكون إحداهما أزيد، أو أنقص كما تقول: إن لفظ العشرة مساو للعشرين في الجلاء؛ لأن ألفاظ الأعداد كلها نصوص جلية، و (العشرون (أزيد معنى، و (العشرة) أنقص، وكما نقول: (المشركون) عام، و (اليهود) عام، وهما لفظان مستويان في الظهور؛ لكون كل واحد منها من صيغ العموم، ومع ذلك لفظ المشركين أزيد، ولفظ الرهبان أنقص، فينبغي أن يكون الثالث أولًا، والأول ثانيًا، والثاني ثالثًا في مقتضى الترتيب الطبيعي في صحة الوضع.
قوله: (يجوز تفسير الشرع للعجمي بالعجمية، فترجمة العربي بالعربية أولى؛ لأن المخالفة أقل).
قلنا: ليس أولى؛ لأن العجم لا يفهمون لسان العرب، كما ينبغي، أو لا يفهمونه البتة، فدعت الضرورة لذلك، ولا ضرورة في تغيير لفظ رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - للعرب، فيكون الفرع قاصرًا عن الأصل؛ لأنه أولى بالثبوت.