قلنا: لا نسلم أنه ليس أحدهما أولى؛ لأن قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتضي إسناد القول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
أما (سمعت) فليس فيه تنقية لاعتقاده ذلك الإسناد؛ فإنه مع هذه العبارة قد يقطع بكذب القائل للمسلمين: سمعت الكافر يقول: إن الله قال كذا؛ لما نقطع بكذبه، وليس في هذه العبارة إلا إسناد سمعه لذلك القائل، فهي أبعد عن المجاز عن الجزم بالإسناد، فكانت أولى.
قوله: (رواية الراوي إنما توجب على الغير شيئًا أن لو ثبت كون الراوي الأصل عدلًا، فإذا أثبتم أنه عدل بأن هذه الرواية توجب على الغير شيئًا لزم الدور (.
قلنا: لا يلزم الدور؛ لأن الإيجاب على الغير استفدناه من عبارته؛ لأنه أسند الإيجاب علينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإسناده هو الموجب لا عدالة الأصل.
وهاهنا ثلاثة أمور:
أولها: إسناده الإيجاب علينا، المرتب على إسناده.
وثانيها: ظاهر الحال الناقل إلينا، وهو المفيد لعدالة الراوي بسبب تذممه له وعدالة الراوي متوقفة عليه.
وثالثها: عدالة الراوي، فلا دور.
قوله: (شاهد الفرع لا بد أن يذكر شاهد الأصل).
قلنا: للفرق بينه وبين الرواية أن شاهد الفرع كالنائب والوكيل في تبليغ تلك الشهادة، ولذلك إذا فسق الأصل بطلت شهادة الفرع، ولا يشهد الفرع حتى يقول له الأصل: اشهد علي؛ فإني أشهد على فلان بكذا، وأذنت لك في النقل، وأما الفرع في الرواية، فليس نائبًا عن أصله؛ لأنه لا يشترط إذنه