قلت: لا نزاع في الجواز- على الجملة لكن الأغلب على الظن: أن راوي الزيادة أبعد عن السهو؛ لأن ذهول الإنسان عما سمعه أكثر من توهمه فيما لم يسمع أنه سمعه؛ بلى، لو صرح الممسك بنفي الزيادة، وقال: إنه- عليه الصلاة والسلام- وقف على قوله: (فيما سقت السماء العشر) فلم يأت بعده بكلام آخر، مع انتظاري له- فها هنا يتعارض القولان؛ ويصار إلى الترجيح.

أما إذا كانت الزيادة مغيرة لإعراب الباقي؛ كما إذا روى أحدهما: (أدوا عن كل حر، أو عبد صاعًا من بر) ويروي الآخر: (نصف صاعٍ من بر) فالحق: أنها لا تقبل؛ خلافًا لأبي عبد الله البصري.

لنا: أنه حصل التعارض؛ لأن أحدهما، إذا رواه (صاعًا) فقد رواه بالنصب، والآخر، إذا روى (نصف صاع) فقد روى الصاع بالجر، والنصب ضد الجر، فقد حصل التعارض، وإذا كان كذلك، وجب المصير إلى الترجيح.

فرع:

الراوي الواحد، إذا روى الزيادة مرة، ولم يروها غير تلك المرة: فإن أسندهما إلى مجلسين، قبلت الزيادة، سواء غيرت إعراب الباقي، أو لم تغير، وإن أسندهما إلى مجلس واحد، فالزيادة: إن كانت مغيرة للإعراب، تعارضت روايتاه؛ كما تعارضتا من راويين.

وإن لم تغير الإعراب: فإما أن تكون روايته للزيادة مرات أقل من مرات الإمساك، أو بالعكس، أو يتساويان: فإن كانت مرات الزيادة أقل من مرات الإمساك، لم تقبل الزيادة؛ لأن حمل الأقل على السهو أولى من حمل الأكثر عليه، اللهم إلا أن يقول الراوي: إني سهوت في تلك المرات، وتذكرت في هذه المرة، فها هنا: يرجح المرجوح على الراجح؛ لأجل هذا التصريح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015