وعن الثاني والثالث: ما تقدم من قبل.
المسألة السادسة
الراويان، إذا اتفقا على رواية خبر، وانفرد أحدهما بزيادة، وهما ممن يقبل حديثهما: فإما أن يكون المجلس واحدًا، أو متغايرًا: فإن كان متغايرًا، قبلت الزيادة؛ لأنه لا يمتنع أن يكون الرسول- عليه الصلاة والسلام- ذكر الكلام في أحد المجلسين مع زيادة، وفي المجلس الثاني بدون تلك الزيادة، وإذا كان كذلك فنقول: عدالة الراوي تقتضي قبول قوله، ولم يوجد ما يقدح فيه فوجب قبوله، وإن كان المجلس واحدًا، فالذين لم يرووا الزيادة: إما أن يكونوا عددًا لا يجوز أن يذهلوا عما يضبطه الواحد، أو ليسوا كذلك: فإن كان الأول: لم تقبل الزيادة، وحمل أمر راويها على أنه يجوز مع عدالته: أن يكون قد سمعها من غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وظن أنه قد سمعها منه.
وإن كان للثاني: فتلك الزيادة: إما ألا تكون مغيرة لإعراب الباقي، أو تكون: فإن لم تغير إعراب الباقي، قبلت الزيادة عندنا إلا أن يكون الممسك عنها أضبط من الراوي لها؛ خلافًا لبعض المحدثين.
لنا: أن عدالة راوي الزيادة تقتضي قبول خبره، وإمساك الراوي الثاني عن روايتها لا يقدح فيه؛ لاحتمال أن يقال: إنه كان حال ذكر الرسول- عليه الصلاة والسلام- تلك الزيادة عرض له سهو أو شغل قلب، أو عطاس، أو دخول إنسان أو فكر أهذله عن سماع تلك الزيادة، وإذا وجد المقتضي لقبول الخبر خاليًا عن المعارض، وجب قبوله.
فإن قلت: (كما جاز السهو على الممسك، جاز أيضًا على الراوي):