اختلف العلماء فيها على قولين:
أحدهما: أن المراد أن الفرقة النافرة هي المتفقة، وأن الله-تعالى- أمر أن يخرج من كل قبيلة من الأعراب، وأحياء العرب طائفة ليتفقهوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويرجعون إلى قومهم ينذرونهم، ويعلمونهم، وهو مقصود صاحب الكتاب.
وقيل: بل المراد أن الفرق التي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل فرقة طائفة إلى الجهاد، ويبقى بقيتهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتفقهون ف الدين؛ لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم منا لجهاد، فعلى هذه، الطائفة النافرة ليست هي المتفقهة، بل المنذرة، عكس القول الأول.
قوله: (الترجي على الله-تعالى- محال، وكل مترج طالب، فيحمل على الطلب مجازًا).
قلنا: قال سيبويه في قوله تعالى: {فقولا له قولًا لينا لعله يتذكر أو يخشى} [طه: 44].
معناه: (اذهبا أنتما في رجائكما) رجائك يريد أن الترجي أصله للمتكلم، فيصرف للمخاطب مجازًا؛ لأنه من لوازم المتكلم بالرجاء مع من يخاطبه، ويصير المعنى فعلًا معه فعل الراجي ليذكره؛ فإن من وعظ وهو آيس قصر بخلاف من وعظ من يرجوه، فإنه يبالغ في موعظته، فيصير المعنى بالغًا في الموعظة، فيكون أمرًا بالمبالغة في ذلك المعنى المذكور، وهذا الذي قاله سيبويه، إنما يتأتى إذا كان الفعل للسامع، فإن كان الله-تعالى- كقوله تعالى: {ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون} [البقرة: 56] ونحوه مما هو فعل الله-تعالى- فيكون معناه: بالغنا في ذلك الفعل مبالغة الراجي، فيكون إخبارًا صرفًا عن المبالغة، فإن أمر الله-تعالى- نفسه