الثاني: أن قوله تعالى: {لعلهم يحذرون} [التوبة: 122] يقتضى إمكان تحقق الحذر في حقهم، والحذر هو التوقي من المضرة، والفعل الذي يقتضى خبر الواحد المنع منه، قد لا يكون مضرًا في الدنيا، فلا بد وأن يكون مضرًا في الآخرة، وإلا لم يكن الحذر ممكنًا، ولا معنى لمضرة الآخرة إلا العقاب، فإذا كان هو بحال يحذر عنه، وجب أن يكون بحال يترتب العقاب على فعله، ولا معنى لقولنا: (خبر الواحد حجة) إلا هذا القدر.

الثالث: أن قوله تعالى: {لعلهم يحذرون}، إن لم يقتض وجوب الحذر فلا أقل من أن يقتضى حسن الحذر؛ وذلك يقتضى جواز العمل بخبر الواحد، والخصم ينكره،؛ صار محجوجًا به.

قوله: (لم لا يجوز أن يكون المراد الفتوى)؟:

قلنا: للوجهين المذكورين:

أحدهما: أنا لو حملناه على الفتوى، لوم تخصيص (القوم) بغير المجتهد.

قوله: (ولو حملناه على الرواية، لزم تخصيصه بالمجتهد):

قلنا: لا نسلم؛ فإن الخبر كما يروى للمجتهد، فقد يروى لغير المجتهد، بلى، لا يجوز لغير المجتهد أن يتمسك به، ولكن ينتفع به من وجوه أخرى: منها: أنه ينزجر عن فعله، ويصير ذلك داعيًا له إلى الرجوع إلى المفتي، وربما بحث عنه، واطلع على معناه.

الوجه الثاني: أنا نحمله على القدر المشترك.

قوله: (يكفى في العمل به ثبوته في صورة واحدة):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015