وإنما قلنا: إن الإنذار هو الإخبار؛ لأنه عبارة عن الخبر المخوف، والخبر داخل في الخبر المخوف؛ فثبت أن الله تعالى أوجب الحذر عند إخبار الطائفة.
وإنما قلنا: (إن الطائفة هاهنا عدد لا يفيد قولهم العلم) لأن كل ثلاثة فرقة، والله تعالى أوجب على كل فرقة أن تخرج منها طائفة، والطائفة من الثلاثة واحد أو اثنان، وقول الواحد أو الاثنين لا يفيد العلم.
وإنما قلنا: إنه تعالى، لما أوجب الحذر عند خبر العدد الذي لا يفيد قولهم العلم، وجب العمل بذلك الخبر؛ لأن قومًا إذا فعلوا فعلًا، وروى الراوي لهم خبرًا يقتضي المنع من ذلك الفعل: فإما أن يجب عليهم تركه عند سماع ذلك الخبر، أو لا يجب:
فإن وجب، فهو المراد من وجوب العمل بمقتضى ذلك الخبر، وإذا ثبت وجوب العمل بمقتضى ذلك الخبر في هذه الصورة، وجب العمل به في سائر الصور، ضرورة ألا قائل بالفرق.
وإن لم يجب الترك، لم يجب الحذر؛ وذلك ينافي ما دلت الآية عليه من وجب الحذر.
فإن قيل: لا نسلم أنه تعالى أوجب الحذر عند إنذار الطائفة، وأما قوله تعالى: {لعلم يحذرون} قلنا: سلمتم أنه لا يمكن حمله على ظاهرة؛ فلم قلتم: إنه يجب حمله على ذلك المجاز؟ ولم لا يجوز حمله على مجاز آخر؟ لا بد فيه من الدليل.
سلمنا: وجوب الحذر عند الإنذار؛ لكن لا نسلم أن الإنذار هو الإخبار؛ فإن الإنذار من جنس التخويف، فنحن نحمل الآية على التخويف الحاصل من