تقريره: أن العلماء نصوا على أن الله-تعالى- لما سبق في قضائه وقدره بقاء هذه الشريعة، وظهور هذه الملة المحمدية على الحق جعل من جملة أسباب ذلك أن سلفها، وهم الصحابة-رضوان الله عليهم- وكثير من التابعين يحفظون من المرة الواحدة، ولا ينسبون ذلك مع تطاول السنين.
ولذلك كان أبو هريرة إذا مر في السوق سد أذنه؛ لأنه كان أي شيء سمعه حفظه، وذلك كثير في الصحابة رضوان الله عليهم.
وأما التابعون فحفظ [أبو] زرعة ستمائة ألف حديث بأسانيدها، وحفظ البخاري مائتي ألف حديث بأسانيدها، وما يتعلق بها، وحفظ مالك مائة ألف حديث على النحو الذي كان يختاره، فإنه كان لا ينقل إلا عن الرواة الفقهاء، وكان في أقضية الصحابة لا ينسى عبارة، وأملاه يومًا شيخه ربيعة أربعين حديثًا، فأدعاها عليه من مرة واحدة، وشك في واو هل واو أو فاء؟ فعاتبه ربيعة وقال له: دعنا ساء حفظ الناس اليوم، وقوله: ساء