الأول، وهو ظاهر كلامهم، فيكون المرجح عندهم هو الغرض، وحينئذ أنه يلزم من عدمه الترجيح من غير مرجح؛ لأن الغرض يرجع إلى العلم باشتمال العقل على ملاءمة العالم بذلك، ومناسبة حاله، ولا يلزم من عدم العلم بالمناسبة الترجيح من غير مرجح؛ فإن الإدارة شاهدا وغائبا ترجح لذاتها، من غير احتياجها لمرجح، وحينئذ يكون هذا الفعل واقعا لمجرد الإرادة من غير غرض، ولا يصدق عليه أنه وقع من غير مرجح.
قوله: (كونه كذبا جهة صرف):
قلنا: هذا في غالب طباع الناس، أما الطباع الخبيثة فهو جهة حث عندنا، وتلك الفرقة غير معلومة التمييز، فيجوز أن يكون هؤلاء المجيزون منهم أو بعضهم، وحينئذ لا يحصل العلم.
سلمنا أنه جهة صرف الكل، لكن لا نسلم أنه ينتهي في الصرف إلى حد الاستحالة والقهر، فلعله مما تهجم الإرادة عليه من غير معارض له، وحينئذ لا يمتنع وقوعه.
قوله لأبي الحسين: (لو توقف الفعل على الدواعي لزم الخبر، وأنت لا تقول به).
قلنا: لا نسلم أنه لا يقول به؛ لأن الخبر الذي لا تقول به المعتزلة هو الخبر العادي، أما الخبر الفعلي فلا ينكره أحد، وقد تقدم الكلام على هذا المقام، وجميع المقامات أول الكتاب في مسألة الحسن.
قوله: (مر الكلام على أن الكذب ليس بقبيح لكونه كذبا):
قلنا: الذي تقدم ليس قبيحا لكونه كذبا، بمعنى إيجابه الثواب والعقاب ونحو ذلك، أما كونه منافرا للطبع فلم يتقدم إبطاله، ولا يردي أبو الحسين بأنه جهة صرف إلا ذلك.
قوله: (صدور الكذب عن الواحد جائز، وصدوره عن الواحد لا يمنع