النقيض إلى الاعتقاد الثاني، وقيام هذا الاحتمال فيه، كيف كان، يخرجه عن كونه يقينا.
الثاني: أن جزمي بوجود هذه المخبرات ليس أقوى من جزمي بأن ولدي الذي أراه في هذه الساعة هو الذي رأيته بالأمس، ثم هذا الجزم ليس بيقين؛ لأنه يجوز أن يوجد شخص مساو لولدي، في الشخص والصورة من كل الوجوه؛ إما لأن القادر المختار خلقه، أو لأن شيئا من التشكلات الفلكية يقتضي وجوده عند منكري القادر؛ فثبت أن هذا الجزم ليس بيقين، بل ظن، فكذلك الجزم الحاصل عقيب خبر التواتر.
فإن قلت: لو جوزنا أن يكون هذا الشخص الذي أراه الآن غير الذي رأيته بالأمس أدى ذلك إلى الشك في المشاهدات.
قوله: (لعل القادر خلق مثله، أو الشكل الغريب الفلكي اقتضاه):
قلنا: بل هاهنا قام برهان مانع منه؛ وهو أن الله تعالى لو فعل ذلك، لأفضى إلى اشتباه الشخص؛ وذلك تلبيس، وهو على الله تعالى محال.
قلنا: لا نسلم أن تجويزه يفضي إلى الشك في المشاهدات؛ لأن المشاهد هو وجود هذا الذي أراه الآن، فإما أن هذا هو الذي رأيته بالأمس، فهو غير مشاهد؛ فلا يلزم من تطرق الشك إلى هذا المعنى تطرقه إلى المشاهدات.
وأما البرهان الذي ذكره على امتناع هذا الاحتمال: فلا يدفع الإلزام؛ لأن هذا الجزم لو كان بناء على ذلك البرهان، لكان الجاهل بذلك البرهان خالياً عن