المسألة الثانية
قال الرازي: أكثر العلماء اتفقوا على أن أمثال هذه الأخبار قد تفيد العلم، سواء أكان إخبارا عن أمور جديدة في زماننا؛ كالإخبار عند البلدان الغائبة، أو عن أمور ماضية؛ كالإخبار عن وجود الأنبياء والملوك الذين كانوا في القرون الماضية.
وحكى عن السمنية: أن خبر التواتر عن الأمور الموجودة في زماننا لا يفيد العلم اليقيني ألبتة، بل الحاصل منه الظن الغالب القوي.
ومنهم: من سلم أن خبر التواتر عن الأمور الموجودة في زماننا يفيد العلم؛ لكن الخبر عن الأمور الماضية في القرون الحالية لا يفيد العلم ألبتة.
لنا: أنا نجد أنفسنا جازمة ساكنة بوجود البلاد الغائبة، والأشخاص الماضية؛ جزما خاليا عن التردد، جاريا مجرى جزمنا بوجود المشاهدات، فيكون المنكر لها كالمنكر للمشاهدات؛ فلا يستحق المكالمة.
فال الخصم: أنا لا ننكر وجود الظن الغالب القوي الذي لا يكاد يتميز عند الأكثرين عن اليقين التام، لكن الكلام في أنه، هل حصل اليقين أو لا؟! والذي يدل على انه الحاصل ليس بيقين وجهان.
الأول: أنا إذا عرضنا على عقولنا أن الواحد نصف الاثنين، وعرضنا على عقولنا وجود جالينوس وفلان وفلان، عند هذه الأخبار المتواترة، وجدنا الجزم الأول أقوى وآكد من الجزم الثاني، وقيام التفاوت يدل على احتمال تطرق